السفر و السياحة في البوسنة و الهرسك

يعود تاريخ السفر و السياحة في البوسنة و الهرسك الى العصر الروماني. و أساسا ما تمكن تطور شبكة طرق المتفرعة في البوسنة و الهرسك كان مشروع بناية الطريق الطويل مسافة 550ميل من جهة ببطليموس الخمستاشر في أوائل القرن الأول. و لأجل ذلك أصبحت البوسنة و الهرسك الطريق الإستراتيجي للرومان في إتجاههم نحو أوروبا الوسطي و الشرقية.و بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية و غرقها في العصور الوسطى ما تركت من هذه الطرق إلا آثار تعيش في الحكايات و الروايات أو كتب التواريخ. و ما نستطيع أن نحكي القصة عن الطرق الرومانية و ألا نتذكر قول الراوي العظيم Ćamil Sijarić الذي كتبه في المقالة ''يا الهرسك-البوسنة و مدنكم'': '' و ما تعيش الطرق الى الأبد و منها كثيرة على قيد الحياة و عدد منها الجديدة تتجه الإتجاهات المختلفة. و ليس نادرا أن نمشي على حجارة الرصف التي ما تتجه الاّ اتجاه الغابة الكثيفة و القدرة في نفسنا يسوقنا الى الاماكن الساحرة من قبل كانت المدن و اليوم لا يكاد موجودة الاّ عدم و ربما يمكننا العثور على الجدران إن بحثنا عنها أو على آثار المنقوشة فوق الحجر...'' و لا يزال الطرق الرومانية المحفوظة و الموجودة على هضبة Nevesinje في القرب من مدينة Stolac التي تقع في الهرسك.

و في معظم الأوروبا بزوال الأزمة القديمة زالت الزوّار و السياحة أيضا حتى قيام العصر النهضة الذي إستيقظ الجماهير و بدأت الاوروبا أن تزدهر و معها السياحة. و جديرا بالذكر ما شهدت البوسنة و الهرسك مثلما شهدت الاوروبا خلال العصور الوسطي و بالعكس عاشت البوسنة عصرها الذهبي سواء من الناحية الاقليمية و الثقافية و الدينية و الاجتماعية. و المعالم الفريدة و الاثار من هذه الفترة تدعم كلامنا و بعض الاثار الفريدة ما يمكنكم العثور عليها الاّ في البوسنة و الهرسك و هي القبور من العصور الوسطي المشهورة بالاسم Stećci.

و بدون شك إن Stećak رمز فريدة للبوسنة من العصور الوسطي. عشرات منهم مبعثرون من البحر الأدرياتيكي إلى سافا وأونا ونهر درينا و عند الجماهير يطلق الاسم الرخامي (Mramorovi) بدلا من Stećak. نقوش على هذه القبور من العصور الوسطي رموز مختلفة مثل الأرض و الشمس و القمر و الأسرة أو صور الصيد و الرقص و الصلاة و هذه الرموز ركزت المعالم الدينية لقوم البوسنة عادة نسميهم Bogumili. و المرثيات على القبور مكتوبة بالأحرف بوساتشيتسا Bosančica و هذه الأحرف المعينة أستخدمت في البوسنة في العصور الوسطي و هي قريبة من الأحرف السيريلية. هذه القبور فريدة في العالم و ترجع تاريخها الى العصر كانت البوسنة تحت حكم بان كولين Ban Kulin (1204-1180). و من يقرأ عن تاريخ البوسنة في العصور الوسطي سيجد انها ايضا ذكرت تحت اسم البوسنة الفضية و سبب توليد هذه التسمية كان إنتاج الفضة. و من المناجم البوسنوية في العصور الوسطي تم تصدير 25طن من الفضة سنويا و العناصر الفضية المختلفة صنعت خلال هذه الفترة في البوسنة لأجل الطلب من دول الأوربية.

و بعد فتح البوسنة من جهة العثمانيين في القرن الخامس عشر سنة 1463 تغيرت ثقافتها لأجل تأثر الاسلام وثقافة العثمانيين المعينة على سكانها بحيث شهدت المدن التغيير في تصميم عمراني و هذا شيء واضح اليوم خلال السفر حول مدن البوسنة. و خلال فترة العثمانيين أقيمت الحمامات في المدن و بزستان – محلات تسوق – و بجنب الطرق بني العثمانيون خانات او قروان سراي و الفرق بينهما كان في الدفع. من كان يقف في خانات لأجل المبيت كان عليه الدفع و قروان سراي كان مجانا. و جديرا بالذكر انه كان ثلاثة أنواع من خانات: للسادة و للطبقة الوسطي و للفلاحين. و شهدت البوسنة تغيير خانتها داخليا بعد وصول المملكة النمساوية الى البوسنة سنة 1878 بحيث ظهرت الطاولات و الكراسي و السرر.

و خلال فترة العثمانيين أصبحت البوسنة و الهرسك من أفضل المنتجعات الصحية في منطقة البلقان لأن عدد من المناطق في البوسنة و الهرسك تشتهر بمياه الينابيع الحرارية و المعدنية مما هو معروف بين الجماهير. و من أشهر الينابيع: Kruščica ، ومياه Fojnica ، والمياه المالحة في Tuzla ، والمياه الحرارية في Dobruna ، الينابيع Guber قريبا من Srebrenica ، والتي تحتوي علي نسبة عالية من الزرنيخ، المياه المعدني في سراييفو ، والمياه الكبريتي في Ilidža ، و مياه الرجال في Kladanj ، و المياه المعدني فيTešanj والعديد من الينابيع الأخرى. و أن اليهود في مدينة سراييفوا كانوا يفضلون المنتجعات الصحية في منطقة Ilidža التي كانت تقدم برامج مميزة للعناية بالجسم و برامج لعلاج النقرس لمدة شهر كامل. و ما كانت سراييفوا مشهورة فقط بالينابيع الحرارية و المعدنية بل كانت تشتهر بمحلات العطار ترجع تاريخهم الى سنة 1515. و الرجل الذي يقوم وراء إفتتاح أول دكان العطار كان يونس بيك و بداية القرن السادس عشر أنشئت في سراييفوا سوق العطار و العائلة Papo كانت تشتغل في هذه الصناعة 350 سنة و اغلقت الدكان عائلة Papo سنة 1941.

و يعتبر انَ جذر السياحة في البلقان ولدت في مدينة سراييفوا بحيث أنَه أقيم بناية فندق الأوروبا 1882 على الطراز الأوروبي قصدا لإستضافة الزائرين الذين كانوا يصلون الى سراييفوا بالقطار. و هذا الفندق في هذه الأيام كان من أكبر و أفخم الفنادق في منطقة البلقان و الوزير النمساوي Benjamin Kallay استثمر في تطوير المنتجعات الحرارية في منطقة Ilidža. و كانت البوسنة و الهرسك حتى بداية الحرب العالمية الاولي من الوجهات السياحية الرائدة في المنطقة. و بعدما انشئت دولة يوغسلافيا أصبحت البوسنة مكان صناعات الثقيلة والمعادن وصناعات العسكرية والطاقة لكنها على الرغم ذلك قامت بتنظيم الأحداث الثقافية و الرياضية و السياحية الكبيرة و من أكبرها كانت تنظيم دورة الألعاب الأولمبية سنة 1984.

و خلال التسعينيات كما هو معروف بدأت الحرب في البوسنة و الهرسك و وقفت السياحة فيها و حتى نهاية القرن العشرين واجهت السياحة في البوسنة و الهرسك بالإنهيار و في هذه السنوات المؤسفة جثت السياحة على ركبتيها. و الآن الظلام من التسعينيات وراءنا و البوسنة و الهرسك رجعت على الخريطة السياحية و تصفها الزوار بجمالها و قبل كل شئ هي بلد آمن مع المعالم المختلفة الكثيرة و المناظر الطبيعية الرائعة و التقاليد الغنية. و شعبها يتصف بصفات الطيبة والنخوة والحمية والكرامة. و ضيوفنا مثل العائلة و من المعروف أنّ العائلة دائما تسكن في قلوبنا.

و إن تقوموا بقرار زيارة البوسنة و تعرف مع ثقافتها و تراثها تفضلوا بالإتصال معنا و نحن في خدمتكم.